موقع مدينة نابلس الالكترونية يتغيّر
زوار موقعنا الأعزاء!
لعلكم تلاحظون أن الموقع يتغير وأن العديد من الزوايا قد تم الغاؤها، وأن التركيز أصبح أكبر على المحتوى، لأن الغرض من موقع مدينة نابلس الالكترونية هو تقديم المحتوى المتقدم عن المدينة، فقد قمنا بحجب الكثير من المحتوى الغير منظم ويجري حالياً مراجعة كامل المحتوى وسيتم نشره تباعاً حسب وفرة الوقت للمحرر.

مدير ومؤسس الموقع: م. سامي الصدر

مقال اليوم
محمد أحمد درويش : الفتى الباحث عن الموت الذي يحمل معنى الحياة

 

انتهى من حلاقة شعره و عاد إلى البيت ، استحمّ و تطيّب و ارتدى أجمل ما لديه من ثياب ، أخذ يستمع إلى ألحان نشيدة "فتنت روحي يا شهيد" فما عادت روحه تطيق البقاء على الأرض ، لا ندري أيّ الشهداء تذكّر و إلى أيّهم كان يحنّ .. لكن ما ندريه أنّ روحه فتنت حقاً بالجنّة .

بهذه الكلمات أخذ نائل درويش شقيق الشهيد محمد أحمد درويش يقصّ حكاية اللحظات الأخيرة التي عاشها محمد على الأرض و بها فتح تفاصيل جراح عائلات الشهداء مع حلول كلّ ذكرى تحمِل عبق أنفاسهم .

 

يقول نائل شقيق الشهيد محمد : "كان يعشق الأرض و ينتظر أنْ يحيى يومها مع جموع الثائرين لكنّه اختار لشدّة حبّه لها أنْ تضمّه في أحشائها و بين حبّات ترابها فقد استشهد في 29/3/2003" .

كان محمد شبلٌ يعشق القسام و يغني لبطولاته ، شديد الضيق لكونه صغير السن و هو ما رأى فيه حاجزاً وحيداً أمام انتمائه للكتائب ، ففتّش في شوارع المخيم عن الموت الذي يحمل معنى الحياة . انطلق صوت الأذان يمزّق الظلام الذي يلفّ المخيّم حين تقدّمت الدبابات و الآليات العسكرية المدجّجة بالموت و الخراب باتجاه "عسكر" معقل الشهيد و عرينه الحصين من جهة المساكن الشعبية شرق نابلس .

 

كان محمد الذي يدرس في صفه التاسع يهمّ بالخروج من المسجد بعد أداء صلاة المغرب ، إنها الساعة المنتظرة إذن ، شهادة بعد صلاة الجماعة ، و اندلعت المواجهة المعتادة ، حجارة يبدأ أطفال يقارعون بها (المركفاه) التي داست كرامة عواصم العروبة و ما داست لأحدهم جبيناً ، رحلت الدبابات قليلاً ، و أخذ محمد و صحبه قسطاً من الراحة حين عادت من جديد ، ضاق الفتية ذرعاً برؤيتها فاستعدّوا لجولة جديدة ، بين دقائق لم يعدْ محمد يؤمِن بالحجارة فبحث عن البديل ، أعدّ محمد زجاجاته الحارقة بعناية ، ربّما رأى بها طريقة إلى الخلود و هي تتأجّج بالنيران ، لكنّ المركفاه كانت ترى فيها عنوان عزيمةٍ أقسمت أنْ لا تخمد نارها فأطلقت صوبه الرصاص .. أصيبت الزجاجة الحارقة بيد محمد بإحدى الرصاصات و انسكبت مادتها على جسده لكنّها ما منعته من قذف بقاياها تجاه الدبابة العسكرية .

 

سقط محمد مصاباً بالحروق و واصل المحتلون إطلاق الرصاص ، كان ينزف حين تقدّم رفاقه إليه لكنّ الرصاص عاجلهم من جديد فانسحبوا بعد أنْ تمكّنوا من إبعاد جسده الغضّ عن مرمى النيران و نُقِل محمد إلى مستشفى رفيديا الذي ودّع المئات المئات من الشهداء ... تقرير الطبيب الشرعي شاهدٌ جديدٌ على بشاعة الجريمة ، رجْلُ محمد و ساقه و يده و صدره كانت مرمى للرصاص و استشهد محمد و فاضت روحه للسماء .

 

حركة حماس تبنّت الشهيد و نعاه جهازها العسكريّ إكراماً للفتى الذي أحبّ ، يقول نائل شقيق محمد : "كانت لنا جارة تمنع أيّ إنسانٍ من الاقتراب من بيتها لكنّ محمد وقف أمامها و كتب على جدار البيت (الشهيد القساميّ محمد درويش) ، ابتسمت الجارة على غير العادة و لم تغضب لكنّ والدته بادرته بالسؤال لماذا فعلت ذلك ؟ فأجاب باقتضاب (حتى تتذكّروني)" .

 

و حول سلوكه في حياته يضيف نائل : "لقد كان محمد شديد التأثير في العائلة له حضوره بين أخويه و شقيقاته الثلاث .. و يواصل نائل الذي بدا في غمرة أشواقه : "تأثّر والدي كثيراً باستشهاد محمد أمّا والدتي فلم تجدْ ما يواسيها سوى تذكّر الساعات التي كان يقضيها معها ، كان محمد لطيفاً جداً ، لا يستطيع النوم إذا أغضب أحد الوالدين حتى يأتي إليه و يستسمحه و يطلب الصفح و لم يكن أحد الوالدين يستطيع رفض ذلك" .

رحل محمد و ودّعته الجموع و بقيت كلماته على جدار منزل الجارة شاهداً على جيلٍ آمن بالموت سبيلاً للحياة ..

 

ماذا تعرف عن!
تصميم وتطوير: ماسترويب