جامعة النجاح الوطنية
عدد القراءات: 12280

تمازجت عراقتها بتحديات العصر، فانطلقت تصنع لوطنها وأمتها مستقبلا زاهراً يعبق بعبير التراث، إنها جامعة النجاح الوطنية، عين تاريخ فلسطين وحضارتها. لم تكن جامعة النجاح مجرد حاضنة دافئة لتاريخ شعب، وثقافة أمة، وإنما كانت منارة علم تضيء لفلسطين طريق المستقبل المواكب لتطورات العصر، وكما كانت جامعة النجاح الوطنية منارة مشعة، فقد كانت، في الوقت نفسه، قيثارة صدحت أنغامها عبر السنين تشدو للأجيال لحن الصمود والعلم والأمل.

ولدت جامعة النجاح، كما الأشياء تولد، مدرسة عام 1918، حبت على عتبات سلم العلم لتصبح كلية النجاح الوطنية عام 1941، مانحة درجة الدبلوم، وتطورت، على مر السنين، إلى "كلية مجتمع النجاح الوطنية" عام 1965 لتأهيل المعلمين ومنحهم درجة جامعية متوسطة، لكنها ما لبثت أن ارتقت بعلمها تلبية لحاجات الوطن إلى مؤسسات تعليم عال، ولما كان العلم قوة الأمة، وسلاحها الذي تحمله أجيال المستقبل، فقد تحولت إلى "جامعة النجاح الوطنية" عام 1977 لتصبح من أولى الجامعات الفلسطينية التي تمنح درجة البكالوريوس في كليتي العلوم والآداب.

وعلى حدود حلم صغير، بدأت تمارس نشاطات عربية لتضع اسم فلسطين شامخا بين الدول، فأصبحت عضوا في مجلس اتحاد الجامعات العربية عام 1978 وعضوا في اتحاد الجامعات العالمي عام 1981، وهو العام نفسه الذي بدأت فيه الجامعة مسيرة التطور والتحديث لتثبت جدارتها بما حققته من إنجازات. فبعد أن استحدثت كليات الهندسة والتربية والاقتصاد والعلوم السياسية، شهدت الجامعة تزايداً في أعداد الطلبة، الأمر الذي تطلب تزايدا في عدد غرف التدريس والكادر الأكاديمي. فبدأت عمليات تشييد مبان جديدة وتوسيع القديم منها، لكن الأمر تعدى غرف التدريس ليشمل المرافق الخدماتية للطلاب، إيمانا من الجامعة بأن تطور العمل البشري لا يكون بتلقي العلم فحسب، بل باختلاط هذا العلم مع التجربة الحياتية، وإطلاق الطاقات الكامنة داخل النفس الإنسانية.

ولأن حفظ حضارة عريقة، كالحضارة الفلسطينية، يتطلب حفظ تاريخ شعبها وتراثه وثقافته، فقد تم إنشاء "مركز التوثيق والمخطوطات والنشر" عام 1982 بإشراف مجموعة من المتخصصين في حفظ التراث، ليكون وثيقة تحتضن بين رفوفها تاريخ فلسطين وتراثها في مكتبة خاصة، واستمر عطاء المركز فأصدر سلسلة منشورات قيمة تصل إلى 31 كتابا.


وفي عام 1985، خطت جامعة النجاح الوطنية خطوة نوعية أخرى إلى الأمام، فبدأت تمنح درجة الماجستير في الكيمياء والدراسات الإسلامية والتربية، واستحدثت تخصصات بكالوريوس جديدة.

وبصمود الشعب الفلسطيني وكفاحه، صمدت جامعة النجاح، على الرغم من إغلاقها عام 1988، لتعود عام 1992 إلى الحياة الأكاديمية بطاقة جديدة أقوى من سابقتها، فقد شهدت التسعينات تطورا ملحوظا في المسيرة العلمية والأكاديمية للجامعة، فأنشأت كليتي الشريعة والزراعة، وازدادت برامج الماجستير عام 1992، كما أنشئ مركز الحاسوب في العام ذاته ليوفر خدمات عدة للدوائر الإدارية والأكاديمية من جهة، والطلاب من جهة أخرى، ضمن شبكة حاسوب موسعة، ربطت الجامعة أيضا مع المجتمع المحلي من خلال دورات تدريبية يقدمها المركز للمؤسسات والشركات.

وبما أن المجتمع الفلسطيني، شأنه شأن أي مجتمع حضري، يحوي ميولا مختلفة في النبوغ والإبداع، فقد حرصت جامعة النجاح الوطنية على أن تكون الأولى والوحيدة بين الجامعات الفلسطينية التي يحتوي صرحها الأكاديمي على كلية للفنون الجميلة تم إنشاؤها عام 1993.

وليس للطموح حدود، فقد شهد عام 1994 افتتاح كلية الصيدلة، وإنشاء مراكز علمية متخصصة تزيد من توثيق العلاقة بين الجامعة والمجتمع، ومن هذا المنطلق فقد أنشأت الجامعة البرنامج الأكاديمي للهجرة القسرية لدراسة هذه الظاهرة (ظاهرة الهجرة) في منطقة الشرق الأوسط، ويعد هذا المركز واحداً من أصل ستة مراكز في العالم تشترك في مشروع اليونسكو للتوأمة بين المراكز المتخصصة بمراكز اللاجئين.

كما افتتح أيضا عام 1994 مركز "الدراسات المائية والبيئية" لتنمية الموارد المائية وزيادة وعي المجتمع في كيفية التعامل مع البيئة، و "مركز الدراسات والاستشارات والخدمات الفنية" ليقدم خدماته الاستشارية للمؤسسات العامة والخاصة ولينمي امكانات الجامعة وقدراتها على تقديم الخدمات والحوافز للعاملين فيها.

وفي عام 1995 أنشئت كلية القانون، تأكيداً من الجامعة على ضرورة وجود من يحافظ على العدالة للأجيال القادمة، كما استقلت الدراسات العليا عن عمادة البحث العلمي هذا العام. وتعد عمادة البحث العلمي الرئة التي يتنفس من خلالها الأكاديميون في الجامعة ويعبرون عن طموحهم وتطلعاتهم نحو صياغة مستقبل علمي واعد للوطن والأهل.

وفي العام 1996 نقلت كلية الزراعة في هذا من الحرم الجامعي في نابلس إلى (خضوري) في طولكرم، لتوفر مساحات واسعة من الأراضي الزراعية هناك وإمكانية استخدامها في التطبيقات العلمية المندرجة ضمن ما تقدمه الجامعة من تخصصات.

وترتقي جامعة النجاح الوطنية درجة أخرى في رحلة وصولها إلى القمة عام 1998 حيث بدأت العمل ببرنامج الدكتوراه في الكيمياء، بالتعاون مع جامعات أكاديمية بريطانية وكندية، كما ازدادت برامج الماجستير.

واستكمالا لمسيرتها العلمية في استحداث مراكز تقدم خدمات للمجتمع المحلي والدولي، فقد تم عام 1996 إنشاء مركزي "علوم الأرض وهندسة الزلازل" وهو الأول في فلسطين الذي يغطي هذا العلوم، ومركز "بحوث الطاقة المتجددة" الذي أصبح المستشار الرئيسي لسلطة الطاقة الفلسطينية فضلا عن كونه أحد المراكز المعروفة لدى معظم دول السوق الأوروبية المشتركة ومراكز الطاقة في الأردن.

إن من أهداف الجامعة إنشاء جيل متوازن ليس داخل ذاته فحسب وإنما في علاقته مع المجتمع، وحرصا على حقوق الإنسان التي تخلق هذا التوازن، تم عام 1997 وبالتعاون مع اليونسكو إنشاء "برنامج حقوق الإنسان والديمقراطية، ليكون برعمة تبشر بمستقبل اجتماعي أفضل، و "برنامج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها".

ولما كانت المكتبة من أهم المرافق الخدماتية في الجامعة التي تعتبر المرجع الثقافي الرئيسي للطلبة والعاملين، فقد توجت جامعة النجاح مسيرتها بتطوير مكتبتها التي تعتبر أكبر مركز خدماتي وتحمل معها تاريخية الجامعة مذ كانت مكتبة لمدرسة النجاح الوطنية، ثم تطورت لتصبح مكتبة للجامعة، تضم رفوفها 12 ألف مادة قرائية عام 1977، وها هي اليوم تنتقل إلى مبناها الرئيسي الجديد المرتبط بعدد من المكتبات الصغيرة وهي تحوي ما يقارب 120 ألف مجلد و 700 دورية أجنبية وعربية، إضافة إلى توفيرها المعلومات عن طريق اشتراكها بالرسائل والمصادر المعلوماتية الالكترونية.

جامعة النجاح الوطنية، قلب فلسطيني ينبض، وطموح وطني يتجدد، واكبت التطور العلمي مع حفاظها على شخصيتها العربية، عرفت منذ البداية أن المستقبل يكمن في صناعة جيل، فأخذت على عاتقها تربية الأجيال تربية أخلاقية وعملية ليكون مستقبل الأبناء خيراً من حاضر الآباء.

www.najah.edu

أضف تعليق
تغيير الصورة
تعليقات الزوار

1

رند مسمار، نابلس
انا احد طلاب كلية الهندسة قسم هندسة البناء و اعتقد ان المستوى الاكاديمي للجامعة هو على درجة عالية من التقدم و خاصة المساقات التابعة لكلية الهندسة حيث الاحظ ان الكتب الي تدرس هي كتب عالميه تعتمدها اغلبية جامعات العالم...... و شكرا

2

سوسن، نابلس
والله في نظري ان جامعة النجاح واحدة من المؤسسات القليلة الصامدة والتي لا يتوقف التطوير فيها ليس فقط على مستوى نابلس والضفة بل على مستوى المنطقة بأسرها.. واكثر ما يثير الفخر والتعجب هو التوسع في الجنيد في الحرم الجديد فأي شخص يشاهد هذا التوسع المنتظم والسريع لا يكون عنده ذرة شك ان منطقة الحرم الجديد (الجنيد) يجب ان يطلق عليها اسم نابلس الجديدة لانها منطقة ارتقت بوجود مشروع مؤسسة كالنجاح وبعد سنوات قليلة سيزدهر العمران هناك وكم اتمنى ان تكون نابلس كلها مثل النجاح في تطورها وانفتاحها السريع . واكثر ما يثير الاعجاب ايضا هي وحدة التوظيف في الجامعة التي لم تهمل مستقبل طلابها الوظيفي فكل الاحترام لهم على جهودهم وانا استغل الموقع هذا للثناء على جهود كل العاملين في الجامعة من هيئة تدريسية الى طلاب وعاملين وحتى عمال البناء بس الله يفرج عنا ويرجع السلام.

3

نادية، فلسطين
مستواها عالي

4

’مصطفى بدران، السويد
السلام عليكم انا احد خريجي هذا الصرح العلمي العظيم الف تحيه لكل اللذين عملوا ويعملون على بقاءوستمرار تقدم هذا الركن الهام من اركان وطننا الغالي فلسطين

5

محمد مدحت عامر، فلسطين
هذا الموقع مفيد ومدهش وشكراً لكم
تصميم وتطوير: ماسترويب